العفو الدولية:إغلاق دار الخدمات النقابية والعمالية إهدار لحماية حقوق العمال
أعربت منظمة العفو الدولية عن إدانتها لقرار الحكومة المصرية بإغلاق مركز رائد للخدمات العمالية أمس، عشية الاحتفال بعيد العمال، وقالت إن هذا القرار يهدر ما قاله الرئيس حسني مبارك في خطابه اليوم من أن الحكومة ملتزمة بحماية حقوق العمال. وأضافت المنظمة قائلة إن إغلاق "دار الخدمات النقابية والعمالية" في حلوان بمدينة القاهرة بشكل قسري سيؤدي إلى حرمان العمال من الحصول على معلومات واستشارات بشأن حقوقهم. و"دار الخدمات النقابية والعمالية" هي دار مستقلة من هيئات المجتمع المدني تتولى الدفاع عن حقوق العمال وتقديم المشورة للعمال بشأن حقوقهم وعرض الانتهاكات المتعلقة بالحقوق العمالية، وقد تعرضت منذ ديسمبر/كانون الأول 2006 لحملة من الهجوم العلني شنها "الاتحاد العام لنقابات عمال مصر"، وهو اتحاد رسمي، حيث اتهم الدار بالتحريض على تنظيم إضرابات عمالية في منطقة الدلتا. كما ترددت ادعاءات مماثلة في تصريحات لوزيرة القوى العاملة والهجرة في برامج تليفزيونية وأمام مجلس الشورى، وهو المجلس النيابي الثاني في مصر.وقد حاصر نحو 200 من أفراد قوات الأمن مقر "دار الخدمات النقابية والعمالية" في حلوان أمس لتنفيذ قرار اتخذته وزارة التضامن الاجتماعي يوم 22 إبريل/نيسان بإغلاق الدار، حسبما ورد. واستخدم أفراد الأمن القوة لإخلاء الدار من العاملين فيها وغيرهم من نشطاء حقوق الإنسان، الذين كانوا معتصمين هناك على مدى يومين تضامناً مع الدار في محاولة لمنع إغلاقها بعد تواتر أنباء عن صدور قرار من الوزارة بهذا الشأن. وأشار رئيس مجلس محلي حلوان، الذي كان حاضراً هناك، إلى أنه تلقى أمراً بإغلاق الدار، ولكنه لم يطلع مدير الدار أو غيره على أية وثيقة تفيد بصدور هذا الأمر. وفيما بعد، علمت "دار الخدمات النقابية والعمالية" أن قرار إغلاق مقرها الرئيسي في حلوان صدر عن إدارة رخص المحلات. ويُعد الإغلاق القسري لمقر الدار في حلوان هو الثالث في سلسلة من الإجراءات المماثلة ضد الدار خلال أقل من شهر، حيث صدر أمران من قبل بإغلاق فرع الدار في مدينة نجع حمادي، بمحافظة قنا، يوم 29 مارس/آذار، وفرع مدينة المحلة الكبرى، بمحافظة الغربية، يوم 10 إبريل/نيسان. وقد نُشر مئات من أفراد قوات الأمن لتنفيذ قرار الوزارة بإغلاق فرع الدار في المحلة الكبرى، وما زالت سيارات الشرطة المصفحة متمركزة أمام المقر حتى اليوم.وقد توجه 15 من ممثلي منظمات غير حكومية معنية بحقوق الإنسان إلى وزارة التضامن الاجتماعي، يوم 24 إبريل/نيسان 2007، لمناقشة موضوع إغلاق فروع "دار الخدمات النقابية والعمالية"، وأبلغهم مسؤولون في الوزارة أن قرارات الإغلاق صدرت عن الإدارة المحلية ولا علاقة للوزارة بها. وفي اليوم نفسه، وجهت "اللجنة المعنية بحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم" التابعة للأمم المتحدة مناشدة لوفد مصري برئاسة وزيرة القوى العاملة والهجرة، خلال اجتماع في جنيف، من أجل إعادة فتح "دار الخدمات النقابية والعمالية" بما يتيح للعمال حماية حقوقهم على نحو أفضل. إلا إن الوزيرة لم تقدم تأكيدات بهذا الصدد. وتتعلق الهجمة ضد "دار الخدمات النقابية والعمالية"، على ما يبدو، بالدور النشط الذي لعبته الدار في توعية العمال بحقوقهم، وخاصة خلال انتخابات النقابات العمالية في أكتوبر/تشرين الأول 2006، وفي الكشف عن المخالفات الواسعة النطاق التي اتسمت بها هذه الانتخابات. كما تتعلق الهجمة، فيما يبدو، بالتقرير الذي أصدرته الدار مؤخراً وانتقدت فيه انتخابات النقابات العمالية الأخيرة والدور الذي لعبه "الاتحاد العام لعمال مصر" ووزارة القوى العاملة والهجرة.ويُمثل إقدام السلطات المصرية على إغلاق فروع "دار الخدمات النقابية والعمالية" انتهاكاً لالتزاماتها بتعزيز الحق في حرية تكوين الجمعيات، كما أنه يحرم العمال من الحصول على مشورة ومساعدة قانونية قيِّمة من جهة مستقلة دعماً لحقوقهم العمالية، بما في ذلك الحق في الإضراب وفي التنظيم بصورة حرة.هذا، وتهيب منظمة العفو الدولية بالسلطات المصرية أن تبادر على الفور بإلغاء القرارات الخاصة بإغلاق فروع "دار الخدمات النقابية والعمالية" ورفع أية قيود أخرى فُرضت عليها، وذلك من أجل إتاحة الفرصة للدار لتقديم خدماتها في الدفاع عن حقوق العمال، والذين هم في أمس الحاجة إليها.خلفيةجاءت المضايقات التي تتعرض لها "دار الخدمات النقابية والعمالية" والقرارات الخاصة بإغلاق فروعها وسط انتشار الإضرابات العمالية في عديد من القطاعات الصناعية، وخاصة في منطقة الدلتا. وقد طالب العمال المضربون برفع أجورهم، وتحسين ظروف العمل وزيادة حصصهم من الأرباح، كما انتقدوا "الاتحاد العام لنقابات عمال مصر" التابع للحكومة بسبب ارتباطه الوثيق بالحكومة وتقاعسه عن ضمان مطالبهم، وخاصة في أعقاب المخالفات التي وقعت خلال انتخابات النقابات العمالية في أكتوبر/تشرين الأول 2006، حسبما ورد، وكانت الإضرابات التي نظمها العمال في مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، والتي أدت إلى سلسلة من الإضرابات في مصانع أخرى في منطقة الدلتا، قد بدأت بسبب مطالبة عمال الغزل والنسيج برفع حصة الأرباح التي يحصلون عليها في نهاية العام، وقدرها 100 جنية مصري (أي نحو 18 دولاراً أمريكياً)، إلى ما يعادل راتب شهرين، تمشياً مع قرار رئيس الوزراء رقم 467، الصادر في مارس/آذار 2006، برفع حصص الأرباح لجميع عمال الغزل والنسيج في قطاع الأعمال العام. وتزايدت الإضرابات في المحلة الكبرى مع تقاعس "الاتحاد العام لعمال الغزل والنسيج" التابع للحكومة عن تنفيذ الوعود التي قطعها أعضاؤه خلال انتخابات الاتحادات النقابية وعن ضمان زيادة حصة الأرباح، واستمرت الإضرابات إلى أن عرضت الحكومة صرف الأرباح بما يعادل أجر 45 يوماً.وأدى قرار الحكومة بصرف أرباح نهاية العام لعمال المحلة الكبرى إلى اندلاع إضرابات في مصانع أخرى في منطقة الدلتا، حيث أضرب آلاف العمال في مدينة كفر الدوار بمحافظة البحيرة، ومدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية مطالبين بمعاملتهم بالمثل وبتحسين الأجور وظروف العمل. وقد حمَّلت وزيرة القوى العاملة والهجرة "دار الخدمات النقابية والعمالية" مسؤولية التحريض والتشجيع على الإضرابات في عدد من المصانع في مختلف أنحاء البلاد، وخاصة في المحلة الكبرى، حيث ظل نحو 20 ألف عامل من عمال الغزل والنسيج مضربين عن العمل لعدة أسابيع في ديسمبر/كانون الأول 2006 ويناير/كانون الأول 2007. ويُذكر أن "دار الخدمات النقابية والعمالية"، وهي مسجلة في الوقت الراهن كشركة مدنية، قد سعت في عام 2003 وعام 2004 إلى تسجيل نفسها كجمعية بموجب "قانون الجمعيات الأهلية" (القانون رقم 84 لعام 2002) الذي ينطوي على قيود عدة، ولكن رُفض طلبها للتسجيل، حيث يحظر القانون أن تزاول الجمعيات أية أنشطة نقابية أو سياسية. وقد تقدمت مؤخراً بطلبين للتسجيل كهيئتين منفصلتين، إحداهما كشركة مدنية تقدم خدمات التدريب والمساعدة القانونية للعمال والأخرى كجمعية. ولم ترد وزارة التضامن الاجتماعي على هذين الطلبين حتى الآن.
No comments:
Post a Comment