أصداء المصانع
جريدة الأهرام إبدو – 2/8 مايو 2007
إعداد داليا شمس
كثيرا ما يتهم كمال عباس – النقابي اليساري والعامل السابق في مجال الحديد والصلب – بالوقوف وراء الإضرابات العمالية التي جرت مؤخرا. كما تتعرض دار الخدمات النقابية التي يديرها منذ عام 1990 إلى هجوم منتظم من قبل السلطات.
لم يقم عباس بإشعال حريق في المعبد حتى يجد اسمه متداول في وسائل الإعلام؛ بل قام فقط مع آخرين بتأسيس دار للخدمات النقابية في حدود عام 1990. هذا المركز الذي يعد وحيدا من نوعه قد أرسى بين العمال ثقافة تثير القلق؛ أي ثقافة الإضرابات والمطالبة بالحقوق. ففي زمن تنطلق فيه نواقيس الخطر حول اختفاء حقبة من الحياة العمالية، مصاحبة بعمليات الفصل والمعاش المبكر التي تدور في المصانع في ظل وتائر متسارعة للخصخصة، من الواضح أن كمال عباس يبدو كشخص غير مرغوب فيه. إذ يكاد يحمّله كلا من وزير التضامن الاجتماعي، ووزيرة القوى العاملة، ورئيس اتحاد العمال مسئولية الإضرابات العمالية الأخيرة المتصاعدة منذ دخول قانون العمل الموحد لعام 2003 حيز التنفيذ؛ وهو القانون الذي يؤدي إلى تحرير علاقات العمل.
ولد عباس في عام 1954؛ وهو ينتمي إلى جيل كان يرى في عبد الناصر بطلا أسطوريا. وقد مرت طفولته التي قضاها في الفيوم (التي تبعد 80 كيلومترا غرب القاهرة) بطريقة هادئة، في حضن أم حازمة وحنونة، وأب يعمل كبائع متجول. وهو يقول: "ما كان يسعدنا حقا أيام المدرسة، أن يقوم أحدنا بإرسال خطاب إلى عبد الناصر، فيرد عليه هذا الأخير ويرسل له صورة". كانت المدرسة مختلطة ومتواضعة، وتضم داخل جدرانها الأحلام البسيطة، والحي الشعبي بعيدا عن أي تأثير عمالي؛ كما كانت تصطبغ الأرواح بموسيقى عبد الحليم حافظ، مطرب ثورة 1952.
لا يتسم كمال عباس بحنين العودة إلى الوراء؛ بل على العكس؛ فهو يمتلك تلك القدرة على إعادة أحياء الأفراد، والأماكن، والأشياء التي يفتقدها بعد اختفائها. وهو يشير: "قد يعود ذلك إلى عيب على المستوى النفسي؛ فكثيرا ما اتخطى الواقع الذي لا أحبه؛ لقد توفت والدتي، ولكنها ما زالت موجودة بالنسبى إلي؛ كما تم تجريدي من وظيفتي في مصنع الحديد والصلب بالتبين بعد الإضراب العمالي لعام 1989، ولكنني ما زلت احتفظ له بنفس الولاء..". وبالطريقة نفسها، يحاول تفادي ذكر معلمه يوسف درويش، محامي الطبقة العاملة، والأب الروحي للحركة الشيوعية المصرية الذي توفى منذ عامين، والذي نرى صورته معلقة في المكتب المجاور. هذا الأخير هو صاحب فكرة إنشاء دار الخدمات العمالية لإحياء مفهوم مرتبط بثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين؛ أي مرحلة التعددية النقابية. فاكتفى حينئذ بطرح الفكرة، تاركا لصديقة العامل كمال عباس مسئولية تنفيذها؛ حيث قام عباس بتحقيق المشروع بصحبة ما يقرب من 25 عاملا؛ ويقول بصوت محتبس بالبكاء: "لقد تعرفت على يوسف درويش عام 1987، ثم تعمقت معرفتي به منذ عام 1989؛ أنه كان يجسد بالنسبة لي جميع القيم النبيلة".
يلجأ عباس حتى اليوم إلى أسلوب "التخطي" (أو التجاوز) نفسه فيما يتعلق بإغلاق المقرات الثلاثة لمنظمته غير الحكومية في غضون شهر واحد؛ أي مقر نجع حمادي (جنوبا)، والمحلة الكبرى (في الدلتا)، ومؤخرا المقر الرئيسي بحلون (أحد ضواحي القاهرة). مباشرة قبل الإغلاق الذي كان يتوقعه، كان هناك عدد من ممثلي المجتمع المدني الذين احتشدوا على مدى الأربع وعشرون ساعة بدار الخدمات العمالية في حلوان. طوال الوقت، كان كمال يردد لنفسه أن "قيام الشرطة بإغلاق المقرات لا يستطيع منع وصول الرسالة حيث تلقى الناس الفكرة بالفعل". كما كان يعلم أن غضب الحكومة لن يتوقف عند هذا الحد، خاصة في ظل التعديلات الدستورية الأخيرة التي تكبل الحريات، ونظرا لتصاعد عدد الإضرابات العمالية. فعلى سبيل المثال، حاول مركز الأرض لحقوق الإنسان حصر الحركات الاحتجاجية التي تمت خلال شهر مارس الماضي وحده؛ وقد قدرها بعشرة اعتصامات، وسبعة إضرابات، وثلاث مظاهرات، وحالتي انتحار. يلخص كمال عباس الوضع في الكلمات التالية: "تعني الإضرابات الأخيرة أن هناك تراكما للمشاكل، إلى جانب غياب ممثلين حقيقيين عن العمال. كما أنها تفسر الحاجة إلى إجراء حوار اجتماعي؛ فالحكومة تصر على التعامل مع المشكلة العمالية بأسلوب كل حالة على حدة بدلا من التعامل مع تلك المشكلة في شموليتها." ثم يضيف: "يقوم العمال بالإضراب وهم يعلمون أن القانون يجعل هذا الحق شبه مستحيل؛ إلا أن هناك عديد من العوامل التي شجعتهم على ذلك: الدور التربوي الذي قام به مركزنا، وتدهور الأوضاع بصفة عامة، ومساندة الإعلام المستقل، وتصاعد التظاهرات السياسية بصفة عامة". حينما وصلت ست عربات للأمن المركزي من أجل إغلاق مكتب حلوان، كان كمال في غاية الهدوء وفقا لأحد المحاميين اليساريين الشبان الذي يضيف: "لقد رفض حدوث أي اشتباك، بينما كنا نقترح عليه الدخول في معركة حتى يتم تحويلنا إلى النيابة العامة. تركهم يقومون بعملهم بينما كان قد سبق واستأجر مقرا آخر في الشارع نفسه من أجل مواصلة نشاطه. فهو يفهم المنطق الذي يحرك الشرطة، أي أنهم يريدون فقط أن نجد أنفسنا في الشارع دون منحنا فرصة الذهاب إلى النيابة. أما هدفهم الإداري، فقد تمثل في "قطع الميه والنور" عنا". دون الدخول في مزيد من المهاترات، كان يسعى كمال إلى إخراج أكبر قدر من مقتنيات الدار؛ أيعني هذا أنه مراوغ جيد؟ كان يقوم مركزه بتعليم العمال – ضمن أمور أخرى – كيف يتفاعلون مع الأحداث، ويدخلون في مفاوضات، وينجحون في توصيل قضيتهم. ويقول عباس: "لا بد للمتفاوض الجيد أن يكون مرنا؛ يمكنني القبول بتنازلات حينما أعلم مقدما أنها أمور أصبحت جزء من الوعي"؛ وهو الأمر الذي يعبر عنه مستندا إلى كل الثقة التي اكتسبها خلال مشواره النقابي منذ 1979.
كان هذا الشاب المولع بالسينما والأدب، قد تعاطف مع الأفكار الاشتراكية منذ السبعينيات؛ "كنت أشاهد جميع الأفلام التي يعرضها داري السينما الموجودة في الفيوم؛ وكنا نسعى خلال حرب 1973 إلى بذل الجهود على المستويين الإنساني والاجتماعي. اتسمت الحركة الطلابية في تلك الفترة بنشاط عارم، وكشفت أمامي وجه جديد تماما؛ وهو ما جعلني أتطلع في تلك الفترة إلى قراءات أكثر تحديدا". في عام 1977، بعد خروجه من الجيش، حصل على عمله في مصانع الحديد والصلب التي تعد رمزا وطنيا للثورة الصناعية، والتي كانت تعد بالنسبة إليه "مصدرا للإلهام منذ أن سمعت عنها من خلال نص للقراءة في السنة الثالثة من التعليم الابتدائي". ثمّن هذا اللحّام فكرة أن يكون مفيدا، وأن يصنع أشياء ممكن أن تفيد الناس. كما شعر بالفخر لانتمائه إلى هوية عملاقة، وهي كتيبة جموع العاملين الذين يصنعون المستقبل، ويساهمون في "تحقيق حلم المصريين في بناء دولتهم العصرية منذ محمد علي حتى ناصر؛ وهو حلم البسطاء وليس حلم القادة، كما كتب الصحفي أحمد بهاء الدين".
يستمر كمال عباس في سرد ذكرياته؛ فهو يحكي لنا كيف قضى معلموه العمال فترة تسعة شهور من التدريب في معهد التكنولوجيا بحلوان من أجل استكمال التدريب الذي تلقوه بروسيا على مدى تسعة شهور أخرى. كما يصف فخر هؤلاء المعلمين الذين أدخلوا إلى وجدانه معنى الحياة. وهو الذي انطلق – في هذا الإطار – في النشاط النقابي، وقام بقراءة عديد من الأعمال التي تتناول تاريخ الحركة العمالية على مستوى العالم. وهكذا حدث التحول. إذ يتحول الشاب الخجول الذي يتعثر لسانه ويتجنب التجمعات الكبيرة إلى خطيب بليغ، ويفيدنا بالتالي: "لقد برزت شخصية أخرى من خلال التعامل مع الـ200.000 عامل الموجودون بالمصنع، والتمرد على الأساليب غير الديمقراطية التي تعترض نضال العمال. وهكذا اكتسبت القدرة على الخطابة، وعلى التعبير عن أفكاري بطريقة واضحة..وهو ما يعد مكسب أمتلكه الآن. كما قمت بإصدار مجلة "كلام صنايعية" التي تتوجه خصيصا إلى زملائي، والتي تنفذ نسخاتها الألف في يوم واحد". كما شهدت السبعينيات بروز الكوادر المتعطشة إلى الديمقراطية العمالية التي لم تتوان في المطالبة بتأسيس النقابات المستقلة. وفي جميع الأحوال، يجدر القول أن الصراع بين أنصار التعددية النقابية، وأولئك الذين يطالبون بوجود نقابة عامة واحدة تخضع لرقابة الدولة – كما هو الحال منذ عام 1957 – ظل عامل فرقة بين أقطاب الحركة العمالية.
وعلى الرغم من ذلك، لم يكن متاحا في ذلك الحين أن يدور الكلام حول الإضرابات؛ فهي الفكرة التي ظلت مبهمة لزمن طويل، وارتبطت بمفهوم التدمير التي كانت ترفضها الإدارة، كما كان يرفضها العمال أنفسهم؛ حيث كان يرى الفريق الأخير أنها تتعارض مع شعار آخر يرفعه النظام مفاده أن "أدوات الإنتاج ملكية عمالية وعامة". غير أن البلاغة الشفهية لكمال عباس قد أتت بثمارها؛ ففي عام 1989، قام عمال مصانع الحديد والصلب بإضرابهم الشهير؛ وهم العمال أنفسهم الذين كانوا يرفضون هذه الفكرة فيما قبل. تمخض هذا الإضراب عن وفاة أحد العمال، وإصابة خمسة عشر منهم، وإلقاء القبض على 1200، من ضمنهم كمال عباس. يشير كمال بهذا الصدد: "جاء رد فعل الحكومة شرسا؛ غير أن المطالبات العمالية هي التي فتحت الباب أمام مطالبات أخرى ذات طابع ديمقراطي واجتماعي التقطتها فيما بعد الأحزاب السياسية ونقابة المحاميين". بعد خروج كمال من السجن، تم استبعاده من مصنعه الحبيب لنقله إلى مصنع آخر يعمل في المجال نفسه. حينئذ، طلب أجازة بدون مرتب، وبدأت مرحلة جديدة في حياته مع تأسيس دار الخدمات العمالية والنقابية. يطرح علينا كمال عباس الفكرة التالية: "حاولنا تفادي الأخطاء التي وقع فيها اليسار؛ فلم نعر أهمية كبيرة للاجتماعات والبيانات؛ وتعلق الأهم بالتفاصيل والتنفيذ؛ أردنا تبني منهجية علمية؛ وهنا استفدنا من الموروث الاشتراكي. فكانت لدينا في البداية أهداف عامة، تطورت فيما بعد إلى برنامج أكثر تبلورا في حدود عام 1996". والجدير بالذكر أن كمال ظل عضوا بحزب التجمع فيما بين أعوام 1980 و1984؛ وهو لا يحبذ فكرة الانصهار الكامل في المجموع الذي يحدث على حساب أدوار الأفراد.
من أجل تكوين العمال بطريقة ملموسة، تتعاون الدار - من بين جهات أخرى – مع الاتحاد السويدي للعمال، ومع الجامعة العمالية لجنوب أفريقيا. ومع ذلك، أصبح من الحتمي اللجوء إلى الدعم المالي، وهكذا يقول: "ظللنا نعتمد على مواردنا الذاتية حتى عام 1995، حرصا على تجنب التمويل الأجنبي خوفا من سعيه إلى فرض جدول أعمال خاص به. ناقشنا الأمر مطولا، ثم انتهينا إلى قبول الدعم غير المشروط الوارد من تشكيلات نقابية معترف بها". وهو ما يعد إجابة على الاتهامات الموجهة من مسئولين كبار إلى كمال بأنه "عميل، ومخرب، ومتعطش إلى القيام بأدوار قيادية، ويعمل على زعزعة استقرار البلاد من خلال تلقي أموال من الخارج". تتفرع الحرب اللفظية في جميع الاتجاهات؛ بينما لا يثني ذلك عباس عن المضي في خطابه الخاص بتطور أوضاع العمال: "في ظل عبد الناصر، كان هناك عقد اجتماعي يحقق نوع من التوازن؛ وعند التحول من رأسمالية الدولة إلى سياسات السوق الحرة، برزت الحاجة إلى إرساء نظام فعلي للآمان الاجتماعي يستند إلى مبدأ المواطنة، وإطلاق برنامج للتأهيل يسعى إلى مواكبة متغيرات السوق، وإعادة التفكير في التمثيل النقابي مع وجود تنظيم حقيقي لرجال الأعمال؛ وهي جميعها مكونات مهمة لضمان إقامة الحوار وتحقيق الاستقرار".
صحيح أن خبرة دار الخدمات النقابية قد أضفت على كمال عباس ثقة أكبر بالإضافة إلى تفتح أكبر على العالم. ومع ذلك، يظل مقيما في مدينة الخامس عشر من مايو التي تحتوي على أغلبية من العمال؛ وأحيانا ما يقوم بقيادة سيارة المركز؛ كما يحدث أن يسافر إلى الخارج..حيث منحت له الجمهورية الفرنسية في عام 1999 جائزة حقوق الإنسان في احتفالية عقدت بمتحف اللوفر، ويقول: "حينما أشاروا إلي لأضواء برج إيفل في باريس في أحد الأمسيات، ذكرتني بصورة أفران الحديد والصلب المضيئة ليلا؛ وهي بالنسبة لي صورة أكثر جمالا".
L’écho des usines
Il n’a pas mis le feu au temple pour avoir son nom dans la presse, mais a simplement fondé, avec d’autres, vers 1990, un centre pour les services ouvriers. Le centre, quasiment le seul du genre, a instauré parmi les bleus une culture qui dérange, celle des grèves et de la revendication de droits. A une heure où, dans les usines, les licenciements et les retraites anticipées sonnent le glas d’une ère ouvrière et où la privatisation va bon train, Kamal Abbass fait sans doute office d’une persona non grata. Le ministère de la Main-d’œuvre, celui de la Solidarité sociale ainsi que le président du Syndicat général des ouvriers le rendent en quelque sorte responsable des dernières grèves ouvrières d’ordre croissant depuis la mise en vigueur, en 2003, de la loi unifiée « libéralisant » les rapports du travail.
Né en 1954, Abbass appartient à une génération qui voyait en Nasser un héros légendaire, « à même de lever une voiture d’un seul doigt ». Son enfance au Fayoum (80 km à l’ouest du Caire) s’est déroulée paisiblement, dans les girons d’une mère fermement tendre et d’un père vendeur à la sauvette. « Ce qui pouvait vraiment nous réjouir à l’école était que l’un d’entre nous adresse une lettre à Nasser et que ce dernier réponde tout en envoyant une photo de lui », dit-il. L’école était mixte et modeste, les rêves simples, le quartier populaire loin de toute influence ouvrière et la musique de Abdel-Halim Hafez, le chantre de la Révolution de 1952, teintait les âmes.
Kamal Abbass n’est pas nostalgique. Par contre, il a cette faculté lui permettant de ressusciter les êtres, les endroits et les choses, qui lui manquent une fois disparus. « C’est peut-être une déviance psychologique ! », lance-t-il avant de s’expliquer : « Je passe souvent outre la réalité qui me déplaît. Ma mère est morte, cependant elle existe toujours en moi. On m’a démis de mes fonctions à l’Usine du fer et de l’acier à Tebbine, à la suite d’une grève ouvrière en 1989, mais je garde toujours mon lien de filiation avec elle … ». De la même façon, il évite d’évoquer le souvenir de son moniteur, l’avocat du prolétariat, Youssef Darwich, le parrain du mouvement communiste égyptien, décédé il y a deux ans et dont la photo est posée dans la pièce à côté. C’est ce dernier qui a eu l’idée de fonder Dar Al-Khadamat al-ommaliya (maison des services ouvriers), redonnant vie à un concept des années 1930-1940, cette époque de pluralisme syndical. Il s’est alors contenté de le suggérer, laissant l’exécution à son ami ouvrier, Kamal Abbass, lequel a mis le projet sur pied avec quelque 25 autres ouvriers. « J’ai rencontré Youssef Darwich en 1987 et commencé à mieux le connaître en 1989 ; il concrétisait à mes yeux toutes les valeurs nobles ». La voix larmoyante, puis un silence d’affliction.
Aujourd’hui, il a recours à ce même procédé de « dépassement » pour passer outre la fermeture des trois locaux de son ONG, d’abord à Nag Hammadi (dans le sud), ensuite à Mahalla (dans le Delta) et, enfin, le siège principal à Hélouan (banlieue du Caire), en à peu près un mois. Juste avant la fermeture à laquelle il s’attendait, plusieurs représentants de la société civile campaient 24h sur 24 dans la Maison des services ouvriers à Hélouan. Lui, il se disait tout le temps que « la police en fermant les locaux ne peut aucunement empêcher le message de passer, car l’idée a déjà ciblé les gens ». Il savait davantage que la rage du gouvernement ne s’arrêterait pas là, notamment à l’ombre des derniers amendements constitutionnels ligotant les libertés, et compte tenu du nombre croissant des grèves en cours. Le Centre de la terre pour les droits de l’homme, à titre d’exemple, a essayé de faire le bilan des mouvements contestataires durant le seul mois de mars dernier, les évaluant à 10 sit-in, 7 grèves, 3 manifestations et 2 suicides. Kamal Abbass fait le point : « Les dernières grèves signifient l’accumulation des problèmes et l’absence de vrais représentants pour les ouvriers. De même, elles explicitent un besoin d’entamer un dialogue social. Le gouvernement insiste à traiter le problème ouvrier, cas par cas, au lieu de l’envisager dans sa totalité ». Et d’ajouter : « Les ouvriers observent des grèves, sachant que la loi rend la pratique de ce droit presque impossible ; ils ont été encouragés par plusieurs facteurs : le rôle éducatif de notre centre, la détérioration de la situation, l’appui des médias indépendants et la multiplication des manifestations politiques en général ». Lorsque les forces de l’ordre sont arrivées en six voitures, pour fermer le bureau à Hélouan, Abbass était très calme, témoigne un jeune avocat de gauche. « Il a refusé tout accrochage, alors qu’on lui a suggéré de nous bagarrer pour être déféré au Parquet général. Il les a laissé faire, mais avait déjà loué un autre local dans la même rue, afin de poursuivre son activité. Il comprenait la logique des policiers qui voulaient simplement nous mettre à la porte, sans nous donner l’occasion d’aller au Parquet. Par contre, ils n’avaient qu’une décision administrative visant à couper l’eau, l’électricité, etc. », précise l’avocat. Sans trop bavarder, Abbass cherchait à faire sortir ses affaires. Un bon manipulateur ? Son centre apprenait, entre autres, aux ouvriers comment entrer en interaction avec les événements, comment négocier et faire parvenir sa cause. « Un bon négociateur doit être flexible. Je peux faire des concessions lorsque je sais d’avance que ce sont des choses qui existent désormais dans les consciences », avoue Abbass avec toute la confiance qu’il a acquise durant son parcours syndical depuis 1979.
Tout jeune, ce passionné de cinéma et de littérature a été pris de sympathie pour les idées socialistes dans les années soixante-dix. « Je regardais tous les films projetés par les deux cinémas au Fayoum. Durant la guerre de 1973, on cherchait à être actif sur le champ humain et social. Le mouvement estudiantin était très vif et l’on m’a introduit dans un monde tout à fait nouveau. J’effectuais alors des lectures beaucoup plus ciblées ». Sorti de l’armée, il a intégré, en 1977, son travail à l’Usine du fer et de l’acier, symbole national de la révolution industrielle ! « Une source d’inspiration, pour moi, depuis que l’on m’en a parlé à l’école, à travers un texte de lecture dirigée, en troisième année primaire », dit-il. Le soudeur appréciait l’idée d’être utile, confectionnant des objets qui peuvent servir. Il se sentait fier d’appartenir à une entité géante, à l’ensemble des ouvriers fabricants d’avenir, « au rêve des Egyptiens de fonder leur Etat moderne, depuis Mohamad Ali jusqu’à Nasser, le rêve de simples individus et non de leaders comme le disait le journaliste Ahmad Bahaeddine dans ses écrits ». Kamal Abbass continue à évoquer l’air du temps, racontant comment ses maîtres-ouvriers avaient passé un stage de 9 mois à l’Institut de la technologie à Hélouan, avant de parachever leur formation en Russie pendant 9 autres mois. Il décrit l’orgueil de ces patrons dans la quarantaine, lesquels lui ont inculqué le sens de la vie. Dans ce contexte, il s’est lancé dans l’action syndicale et a lu pas mal d’ouvrages sur l’histoire du mouvement ouvrier de par le monde. Une métamorphose. Le jeune timide, qui bégayait et évitait les rassemblements, est devenu un bel orateur. « Une autre personnalité a resurgi, en traitant avec les 20 000 ouvriers de l’usine, en s’insurgeant contre les formes non-démocratiques à travers la lutte ouvrière. J’ai acquis la capacité de discourir, d’exprimer clairement mes idées ... cela est devenu un atout dont je dispose. J’ai publié une revue adressée spécialement à mes collègues, Kalam sanayïya (propos d’ouvriers), dont les mille exemplaires se vendaient en un seul jour ». Les années 1970 ont aussi connu l’émergence de cadres avides de démocratie ouvrière, lesquels n’ont de cesse fait appel à la création de syndicats indépendants. De toute façon, la lutte entre les partisans du pluralisme syndical et ceux prônant l’existence d’un seul syndicat général placé sous contrôle étatique comme depuis 1957 a toujours séparé les acteurs du mouvement ouvrier.
Pourtant, ce n’était pas évident à l’époque de parler grève, l’idée souvent confuse, liée au sabotage, était rejetée et par l’administration et par les ouvriers. Car ceux-ci jugeaient que cela portait atteinte à un autre slogan affiché par le régime stipulant que les « outils de la production sont une propriété ouvrière et publique ». L’aptitude verbale d’Abbass a quand même porté ses fruits et en 1989, les ouvriers qui autrefois réfutaient l’idée étaient les mêmes à conduire la grève de l’Usine du fer et de l’acier. Une grève qui a fait 1 mort, 15 blessés et 1 200 détenus, dont Abbass lui-même. « La réaction du gouvernement était virulente, mais c’était la contestation ouvrière qui a donné le coup d’envoi à des revendications démocratiques et sociales que les partis politiques et l’Ordre des avocats ont exprimées par la suite », indique Kamal Abbass qui a, à sa sortie de prison, été éloigné de son usine favorite pour intégrer une autre de construction métallurgique. Il a pris un congé sans solde et s’est livré à une autre phase de sa vie, avec la fondation de la Maison des services ouvriers. « On essayait d’éviter les pièges où a été prise la gauche. Les réunions et les communiqués importaient peu, l’essentiel étaient les détails et leur exécution. On a voulu adopter une méthode scientifique et c’est là que l’on a profité de l’héritage socialiste. D’abord, on avait des objectifs généraux, puis coup sur coup, on a élaboré un programme plus défini vers 1996 », explique Abbass qui a été membre du parti socialiste du Tagammoe (le rassemblement) entre 1980 et 1984 ; il n’aime pas l’idée de la fusion totale dans le groupe qui se fait au détriment du rôle des individus.
Pour former concrètement les ouvriers, le centre collabore avec, entre autres, l’Union suédoise des ouvriers et l’Université ouvrière d’Afrique du Sud. Ceci dit, avec la multiplication des activités, le recours à l’aide financière s’est avéré inéluctable. « Jusqu’en 1995, on a compté sur nos propres moyens, on voulait éviter le financement étranger de peur de nous imposer un agenda particulier. On en a longuement discuté et on a fini par approuver l’aide inconditionnée provenant d’organisations syndicales reconnues », se justifie Abbass, récemment taxé par de hauts responsables de « traître et saboteur, avide de leadership, œuvrant à l’instabilité du pays en recevant des fonds de l’étranger ». La guerre verbale va dans tous les sens et Abbass poursuit son discours approprié sur l’évolution des conditions ouvrières. « Sous Nasser, il y avait un contrat social réalisant un certain équilibre. En passant du capitalisme d’Etat au marché libre, il fallait établir un vrai système de sécurité sociale à base de citoyenneté, lancer un programme de formation visant à suivre les changements du marché, repenser la représentativité syndicale et avoir une véritable organisation d’hommes d’affaires. Ce sont des jonctions importantes au dialogue et à la stabilité ». Certes, l’expérience de la Maison des services ouvriers lui a attribué une plus grande assurance ainsi qu’une ouverture sur le monde. Abbass continue à habiter dans la cité du 15 Mai, majoritairement ouvrière, il conduit parfois la voiture du centre, part à l’étranger pour des conférences internationales ... En 1999, la République française lui a accordé son prix réservé aux droits de l’homme, dans une cérémonie tenue au Louvre. « A Paris, en me montrant les lumières de la Tour Eiffel, un samedi soir, cela m’a rappelé l’image des fours de l’Usine du fer et de l’acier, illuminés la nuit. C’est encore plus beau ».